{من كان يريد الحياة الدنيا} أَيْ: مَنْ كان يريدها من الكفَّار، ولا يؤمن بالبعث ولا بالثَّواب والعقاب {نوف إليهم أعمالهم} جزاء أعمالهم في الدُّنيا. يعني: إنَّ مَنْ أتى من الكافرين فِعلاً حسناً من إطعام جائعٍ، وكسوة عارٍ، ونصرة مظلومٍ من المسلمين عُجِّل له ثواب ذلك في دنياه بالزِّيادة في ماله {وهم فيها} في الدُّنيا {لا يُبخسون} لا يُنقصون ثواب ما يستحقُّون، فإذا وردوا الآخرة وردوا على عاجل الحسرة؛ إذ لا حسنة لهم هناك، وهو قوله تعالى: {أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلاَّ النار...} الآية.{أفمن كان} يعني: النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم {على بيِّنة من ربه} بيانٍ من ربِّه، وهو القرآن {ويتلوه شاهد} وهو جبريل عليه السَّلام {منه} من الله عزَّ وجلَّ. يريد أنَّه يتَّبعه ويؤيِّده ويشهده {ومن قبله} ومن قبل القرآن {كتاب موسى} التَّوراة يتلوه أيضاً في التَّصديق، لأنّ موسى عليه السلام بَشّر به في التوراة، فالتوراة تتلو النبي صلى الله عليه وسلم في التصديق، وقوله: {إماماً ورحمة} يعني أنَّ كتاب موسى كان إماماً لقومه ورحمة، وتقدير الآية: أفمَنْ كان بهذه الصِّفة كمَنْ ليس يشهد بهذه الصِّفة؟ فترك ذكر المضادِّ له. {أولئك يؤمنون به} يعني: مَنْ آمن به مِنْ أهل الكتاب {ومن يكفر به من الأحزاب} أصنافِ الكفَّار {فالنار موعده فلا تك في مِرْيةٍ منه} من هذا الوعد {إنَّه الحقُّ من ربك ولكنَّ أكثر النَّاس لا يؤمنون} يعني: أهل مكَّة.{ومن أظلم ممن افترى على الله كذباً} فزعم أنَّ له ولداً وشريكاً {أولئك يعرضون على ربهم} يوم القيامة {ويقول الأشهاد} وهم الأنبياء والملائكة والمؤمنون {هؤلاء الذين كَذَبوا على ربهم ألا لعنةُ اللَّهِ} إبعاده من رحمته {على الظالمين} المشركين.