سورة هود - تفسير تفسير الواحدي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (هود)


        


{من كان يريد الحياة الدنيا} أَيْ: مَنْ كان يريدها من الكفَّار، ولا يؤمن بالبعث ولا بالثَّواب والعقاب {نوف إليهم أعمالهم} جزاء أعمالهم في الدُّنيا. يعني: إنَّ مَنْ أتى من الكافرين فِعلاً حسناً من إطعام جائعٍ، وكسوة عارٍ، ونصرة مظلومٍ من المسلمين عُجِّل له ثواب ذلك في دنياه بالزِّيادة في ماله {وهم فيها} في الدُّنيا {لا يُبخسون} لا يُنقصون ثواب ما يستحقُّون، فإذا وردوا الآخرة وردوا على عاجل الحسرة؛ إذ لا حسنة لهم هناك، وهو قوله تعالى: {أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلاَّ النار...} الآية.
{أفمن كان} يعني: النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم {على بيِّنة من ربه} بيانٍ من ربِّه، وهو القرآن {ويتلوه شاهد} وهو جبريل عليه السَّلام {منه} من الله عزَّ وجلَّ. يريد أنَّه يتَّبعه ويؤيِّده ويشهده {ومن قبله} ومن قبل القرآن {كتاب موسى} التَّوراة يتلوه أيضاً في التَّصديق، لأنّ موسى عليه السلام بَشّر به في التوراة، فالتوراة تتلو النبي صلى الله عليه وسلم في التصديق، وقوله: {إماماً ورحمة} يعني أنَّ كتاب موسى كان إماماً لقومه ورحمة، وتقدير الآية: أفمَنْ كان بهذه الصِّفة كمَنْ ليس يشهد بهذه الصِّفة؟ فترك ذكر المضادِّ له. {أولئك يؤمنون به} يعني: مَنْ آمن به مِنْ أهل الكتاب {ومن يكفر به من الأحزاب} أصنافِ الكفَّار {فالنار موعده فلا تك في مِرْيةٍ منه} من هذا الوعد {إنَّه الحقُّ من ربك ولكنَّ أكثر النَّاس لا يؤمنون} يعني: أهل مكَّة.
{ومن أظلم ممن افترى على الله كذباً} فزعم أنَّ له ولداً وشريكاً {أولئك يعرضون على ربهم} يوم القيامة {ويقول الأشهاد} وهم الأنبياء والملائكة والمؤمنون {هؤلاء الذين كَذَبوا على ربهم ألا لعنةُ اللَّهِ} إبعاده من رحمته {على الظالمين} المشركين.


{الذين يصدون عن سبيل الله} تقدَّم تفسير هذه الآية.
{أولئك لم يكونوا معجزين في الأرض} أَيْ: سابقين فائتين، لم يعجزونا أن نعذِّبهم في الدُّنيا، ولكن أخَّرْنا عقوبتهم {وما كان لهم من دون الله من أولياء} يمنعوهم من عذاب الله {يضاعف لهم العذاب} لإِضلالهم الأتباع {ما كانوا يستطيعون السمع} لأني حُلْتُ بينهم وبين الإِيمان، فكانوا صُمَّاً عن الحقِّ فلا يسمعونه، وعمياً عنه فلا يبصرونه، ولا يهتدون.
{أولئك الذين خسروا أنفسهم} بأن صاروا إلى النَّار {وضلَّ عنهم ما كانوا يفترون} بطل افتراؤهم في الدُّنيا، فلم ينفعهم شيئاً.
{لا جرم} حقَّاً {أنهم في الآخرة هم الأخسرون}.
{إنَّ الذين آمنوا وعملوا الصالحات وأَخْبَتُوا إلى ربهم} اطمأنُّوا وسكنوا، وقيل: تابوا.
{مثل الفريقين} فريق الكافرين وفريق المسلمين {كالأعمى والأصم} وهو الكافر {والبصيرِ والسميع} وهو المؤمن {هو يستويان مثلاً} أَيْ: في المَثل. أَيْ: هل يتشابهان؟ {أفلا تَذَكَّرون} أفلا تتعظون يا أهل مكَّة.


{ولقد أرسلنا نوحاً إلى قومه} فقال لهم: يا قومي {إني لكم نذير مبين ألا تعبدوا إلاَّ الله} أَيْ: أُنذركم لِتُوحِّدوا الله وتتركوا عبادة غيره {إني أخاف عليكم} بكفركم {عذاب يومٍ أليم} مؤلمٍ.
{فقال الملأ الذين كفروا من قومه} وهم الأشراف والرُّؤساء: {ما نراك إلاَّ بشراً مثلنا} إنساناً مثلنا لا فضل لك علينا {وما نراك اتبعك إلاَّ الذين هم أراذلنا} أخسَّاؤنا. يعنون: مَنْ لا شرفَ لهم ولا مال {بادي الرأي} اتَّبعوك في ظاهر الرَّأي، وباطنهم على خلاف ذلك {وما نرى لكم} يعنون لنوحٍ وقومه {علينا من فضل} وهذا تكذيبٌ منهم؛ لأنَّ الفضل كلَّه في النُّبوَّة {بل نظنُّكم كاذبين} ليس ما أتيتنا به من الله.
{قال يا قوم أرأيتم} أَيْ: أعلمتم {إنْ كنت على بينة من ربي} يقينٍ وبرهانٍ {وآتاني رحمة من عنده} نُبوَّةً {فعميت عليكم} فخفيت عليكم؛ لأنَّ الله تعالى سلبكم علمها، ومنعكم معرفتها لعنادكم الحقَّ {أنلزمكموها} أَنُلزمكم قبولها ونضطركم إلى معرفتها إذا كرهتم؟
{ويا قوم لا أسألكم عليه} على تبليغ الرِّسالة {مالاً إن أجري إلاَّ على الله وما أنا بطارد الذين آمنوا} سألوه طرد المؤمنين عنه ليؤمنوا به أنفةً من أن يكونوا معهم على سواء، فقال: لا يجوز لي طردهم إذ كانوا يلقون الله فيجزيهم بإيمانهم، ويأخذ لهم ممَّن ظلمهم وصغَّر شؤونهم، وهو قوله: {إنهم ملاقوا ربهم ولكني أراكم قوماً تجهلون} أنَّ هؤلاء خيرٌ منكم؛ لإِيمانهم وكفركم.
{ويا قوم مَنْ ينصرني من الله} مَنْ يمنعني من عذاب الله {إن طردتهم}؟
{ولا أقول لكم عندي خزائن الله} يعني: مفاتيح، وهذا جوابٌ لقولهم: اتَّبعوك في ظاهرِ ما نرى منهم، وهم في الباطن على خلافك، فقال مجيباً لهم: {ولا أقول لكم عندي خزائن الله} غيوب الله {ولا أعلم الغيب} ما يغيب عني ممَّا يسترونه في نفوسهم، فسبيلي قبول ما ظهر منهم {ولا أقول إني مَلَك} جوابٌ لقولهم: {ما نراك إلاَّ بشراً مثلنا} {ولا أقول للذين تزدري} تستصغر وتستحقر {أعينكم} يعني: المؤمنين: {لن يؤتيهم الله خيراً الله أعلم بما في أنفسهم} أَيْ: بضمائرهم، وليس عليَّ أن أطَّلع على ما في نفوسهم {إني إذاً لمن الظالمين} إن طردتهم تكذيباً لهم بعد ما ظهر لي منهم الإِيمان.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8